الوزير : شرف الدين بن طراد الزينبي (3)
( الصفحة الثانية : ألقاب الوزير ، و نسخة عهد بنيابة الوزارة أصدره الخليفة المسترشد بالله )
و هو أول هاشمي يلي الوزارة لخلفاء بني العباس (4) . ولي نيابة الوزارة في سنة 516 هـ / 1122 م أثناء وزارة أحمد بن نظام الملك للخليفة المسترشد بالله ، بالإضافة لعمله كنقيب للنقباء (5) . و كان يلازم مجلس الوزير ، و يأمر و ينهي (6) .
و لما توفي الوزير جلال الدين بن صدقة في سنة 522 هـ / 1128 م ولي شرف الدين نيابة الوزارة ، و بعد فترة وجيزة خلع عليه الخليفة المسترشد بالله و ولاه الوزارة (7) . و يذكر ابن طباطبا أن الخليفة المسترشد بالله خاطب شرف الدين عندما ولاه وزارته قائلا " كل من ردت إليه الوزارة شرف بها إلا أنت فان الوزارة شرفت بك " (8) .
و في سنة 526 هـ / 1131 م عزل الخليفة وزيره شرف الدين ، و قبض عليه (9) ، و امر بنهب داره و صادره بعد ذلك على ثلاثين ألف دينار (10) ، و قيل على مائتي إلف دينار (1*) . و لم يشر المؤرخون إلى أسباب ذلك . ثم اعاد الخليفة شرف الدين الزينبي إلى الوزارة في سنة 528 هـ / 1133 م (2*).
لعب هذا الوزير دورا هاما في الأحداث التي تلت مقتل الخليفة المسترشد بالله سنة 529 هـ / 1134 م إذ كان هو و بعض كبار موظفي ديوان الخلافة أسرى في يد السلطان مسعود ، فاستشارهم السلطان فيمن يتولى منصب الخلافة ، فأشاروا عليه بمبايعة محمد بن المستظهر بالله خليفة ، و كان صهرا للوزير شرف الدين الزينبي فوافق السلطان (3*) ، و سار إلى بغداد ، و هناك جمع الوزير الزينبي القضاة و الفقهاء و هددهم بأن يفتوا بخلع الراشد بالله ، و كتب محضرا جرد فيه الخليفة الراشد بالله من مزايا الإمامة الصحيحة ، فأفتى أحد القضاة بخلعه ، و بالتالي أخذت البيعة لمحمد ابن المستظهر بالله (4*) .
و يذكر ابن العمراني أن السلطان مسعود لما قدم بغداد و وجد الخليفة الراشد بالله قد سار إلى الموصل ، ساءه ذلك ، و عزم على أن يذهب إليه في الموصل لمصالحته و إعادته إلى بغداد ، لكن الوزير شرف الدين الزينبي رده عن عزمه و جمع القضاة و الشهود و ألزمهم أن يشهدوا أن الخليفة الراشد بالله كان يشرب النبيذ ، فشهد القضاة بذلك خوفا من الوزير ، ثم أستدعى الوزير صهره ابن المستظهر بالله ، و بايعه خليفة (5*) .
كان من الطبيعي أن يقف الزينبي ، و هو صهر الأمير العباسي الذي رشح للخلافة ضد الخليفة الراشد بالله ، أملا في أن يعاد إلى منصب الوزارة الذي سيبقى بعيدا عنه طالما بقي الراشد بالله خليفة هذا فضلا عما يصل إليه من نفوذ في الدولة على يد صهره إذا ولي الخلافة .
و لما تولى محمد بن المستظهر بالله الخلافة في سنة 530 هـ / 1135 م و تلقب بالمقتفي لأمر الله استوزر شرف الدين بن طراد الزينبي ، فتمتع بسلطة واسعة في وزارته حتى أن الخليفة كان لا يستطيع أن يبت في أمر من أمور الخلافة إلا بمشورته ، و بلغ من نفوذه أنه عندما عين الخليفة الموظفين و العمال سنة 534 هـ / 1139 م دون أخذ رأيه ، استاء الوزير من ذلك ، و انقطع عن العمل حتى صالحه الخليفة (1**) . و لما ازداد تدخل هذا الوزير في شئون الخليفة لم يستطع الخليفة عزله ، بل لجأ إلى السلطان السلجوقي مسعود يشكو له من تصرفاته فأصدر السلطان أمرا بعزل الوزير الزينبي من الوزارة (2**) .
كان شرف الدين الزينبي فقيها بارعا في مذهب الإمام أبي حنيفة ، و كان يتمتع بمنزلة رفيعة لدى الناس (3**) . هذا فضلا عما كان يتصف به من حلم و كرم مع معرفة واسعة بقوانين الوزارة و متطلباتها (4**) .
بقي شرف الدين الزينبي بعد عزله ملازما داره حتى توفي سنة 538 هـ / 1143 م (5**) .
(3) أبو القاسم علي بن طراد بن محمد بن علي الزينبي ، كان والده طراد نقيبا للعباسيين بالبصرة ، ثم انتقل إلى بغداد ، و تولى النقابة بها ، و ناب عن الوزارة في عهد الخليفة المقتدي بأمر الله ، و لما توفي خلفه ولده شرف الدين في نقابة النقباء .
( ابن الجوزي : المنتظم ، ج 9 ص 106 ، ابن الأثير : الكامل ، ج 10 ص 168 )
(4) ابن الأثير : الكامل ، ج 10 ص 653، ابن كثير : البداية و النهاية ، ج 12 ص 200 .
(5) ابن الجوزي : المنتظم ، ج 9 ص 34 ، ابن الأثير : الكامل ، ج 10 ص 602 .
(6) ابن الجوزي : المنتظم ، ج 9 ص 234 .
(7) ابن الجوزي : المنتظم ، ج 10 ص 9 ، ابن الأثير : الكامل ، ج 10 ص 653 .
(8) ابن طباطبا : الفخري ، ص 223 .
(9) ابن الجوزي : المنتظم ، ج 10 ص 27 ، ابن الأثير : الكامل ، ج 10 ص 685 ، ابن طباطبا : الفخري ، ص 223 .
(1*) ابن العمراني : الأنباء في تاريخ الخلفاء ، ص 217 .
(2*) ابن الجوزي : المنتظم ، ج 10 ص 34 ، ابن كثير : البداية و النهاية ، ج 12 ص 206 .
(3*) نبذ من تاريخ الفارقي ( هامش صفحة 251 من كتاب ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ) .
(4*) ابن الجوزي : المنتظم ، ج 10 ص 60 ، ابن دحية : النبراس في تاريخ بني العباس ص 152 - 153 ، أبو الفداء : المختصر ج 3 ص 11 ، السيوطي : تاريخ الخلفاء ، ص 175 .
(5*) ابن العمراني : الأنباء في تاريخ الخلفاء ، ص 222 .
(1**) ابن الجوزي : المنتظم ، ج 10 ص 85 .
(2**) نفس المصدر ص 85 .
(3**) أبو المحاسن : النجوم الزاهرة ، ج 5 ص 274 .
(4**) ابن طباطبا : الفخري ، ص 222 - 223 .
(5**) ابن طباطبا : الفخري ، ص 226 .
( الصفحة الثانية : ألقاب الوزير ، و نسخة عهد بنيابة الوزارة أصدره الخليفة المسترشد بالله )