آل باوزيرو حيث أننا قد ذكرنا السادة العلوية، فإنه ليس من الممكن من باب الإنصاف تجاهل أدوار أسر أخرى من وضع أو خلفية مماثلة و من نفس المنطلق، و التي كانت كسبتها حضرموت كأبناء لها بعد أن فقدت، كما ذكرنا، أبنائها من سكانها التقليدي عبر الهجرة في عصر الفتوحات الإسلامية الأولى. و سواء كان هؤلاء قد أتوا أساسا في شكل فارين يبحثون عن مأمن بعيد للجوء فيه من غضب و قهر السلطات الحاكمة في مواطنهم الأساسية بحيث لا يصل إليهم أحدا، أو لأغراض دينية و إصلاحية و الوعظ و النصح و التوجيه في حضرموت نظرا لما سمع في تلك العصور عن انتشار بعض العقائد المتطرفة و المعارضة للمسار العام لأصول ديننا الحنيف و الشريعة الغراء فيها و ما جاورها، فإن آل باوزير أيضا من أبرزهم و ينتسبون إلى علي بن طراد الذي كان في يومها وزيرا لبعض الخلفاء العباسيين و هو منتمي إليهم نسبا. و أول من وصل إلى حضرموت من هذه الأسرة، و ذلك في أواسط القرن السادس للهجرة ( الثاني عشر ميلادي )، يعقوب بن يوسف بن علي- (أي حفيد الوزير المذكور أعلاه)- و المدفون حاليا في المقبرة الواقعة في المكلا و المشتهرة باسمه، و التي دفن فيها على جانب أعداد كبيرة من الرعية، نقباء آل كساد و بعض السلاطين القعيطيين، و الذي قام في حالة نوبة بطش و جنون فيصل العطاس – الملقب "النعيري" إنتسابا لقرية نعير في وادي عمد – بعد إستيلاء الجبهة القومية على الحكم في أواخر سنة 1976 م، بتدمير جزء كبير منها و لأسباب غير واضحة، حتى ألتمسه الأهالي بالتوقف، و لقد أشتهر عدد كبير من أفراد هذه الأسرة عبر القرون بالزهد و التقوى و الخير و الصلاح في غالبية بقاع حضرموت، كما يعلم الجميع بأن تسمية مدينة غيل باوزير تنتسب إليهم. و يجدر بالذكر هنا أيضا أن هذه الأسرة فريدة في صفوف الأسر البارزة المهاجرة إلى حضرموت من ناحية أنه برغم خلفيتها التاريخية و صلتها بالحكم و شؤونه في العراق، فإنها لم تحاول في يوم ما أن تسعى للحصول على السلطة السياسية الخالصة، مثلما سعت إليها في فترات من تاريخها بعض الأسر الأخرى التي أتت من خلفية مثلها و كانت تتمتع بمكانة متميزة في صفوف المجتمع الحضرمي. المصدر: تأملات عن تاريخ حضرموت قبل الإسلام و في فجره ، تأليف السلطان غالب بن عوض القعيطي، الطبعة الأولى سنة 1417 هـ / 1996 م - مكتبة كنوز المعرفة- الصفحات من 51 إلى 52 ( صورة الغلاف)
|