أنت هنا

العطيشي (باوزير) و مواقفه مع الحموم

العطيشي (باوزير) و مواقفه مع الحموم

بقلم سالم عبد الله العطيشي

سالم عبد الله العطيشي

ترجع بداية العلاقات الاجتماعية بين قبيلتي آل باوزير والحموم إلى أواخر القرن 6 هـ عندما عقد قران الشيخ/ سالم بن عبد الله بن يعقوب بن يوسف باوزير على جميلة بنت أحمد بن علي المسيلي (فخيذة من الجمحي) "1" والشيخ/ أحمد المذكور هو رئيس قبيلة المسيليين بمنطقة وادي عرف (أحد الضواحي التابعة لمدينة الشحر) وقد خلَف الشيخ/ سالم من قرينته جميلة المذكورة الشيخ/ محمد بن سالم الشهير بمولى عرف ( نظرا لولادته وموته بها) والذي يعتبر أول مولود لآل باوزير في حضرموت"2" واستمرت بعد ذلك حبال التواصل بين هاتين القبيلتين حتى أصبحتا كتلة جسمانية واحدة فرضتها الظروف الأمنية المضطربة التي كانت تعيشها حضرموت والتي بلغت ذروتها عام 936هـ وبسببها حدثت هنا وهناك حالات التقطع مما جعل المواطن عرضة للنهب والسلب أثناء ترحالهم لتسويق منتجاتهم وشراء محتاجاتهم من أسواق المدن وبخاصة مدينة الشحر بالنسبة للساحل الحضرمي لوجود مينائها البحري المشهور. وقد فرضت الظروف ذاتها لتوحيد الجهود فجاء عندها دور المناصب والوجاهات ومقادمة القبائل وذلك للحد من ظاهرة التقطع فضلا عن دور الدويلات الموجودة في المدن الرئيسة لحضرموت وقد كان للتعاون القبلي دور مشهور في السيطرة على كثير من المواقع وحماية أبناءها وفق معاهدات التحالف التي مثلت عرف وتقليد ساكني منطقته. وعودة على بدء فقد كان لأسرة آل العطيشي(أحد فخائذ قبيلة باوزير) دور أمني عبر معاهدة تحالف بين منصب المنطقة ومقدم قبيلة الحموم والتي كانت محافظة على كل المواثيق والعهود في تسهيل حركة أبناء منطقة الصداع من الصداع إلى الشحر والعكس. واستمرت هذه الصلة متنقلة بين مقادمة ومناصب القبيلتين وحتى نعطي القارئ الكريم توضيحا أكثر على تلك العلاقة نعطي هنا نموذجا لأحد الوثائق المبرمة فيما بين منصب منطقة الصداع ومقدمة قبيلة الحموم والمحررة في يوم الأربعاء 14/جماد آخر/1325هـ حيث اتفق على هذه الوثيقة كل من المنصب الشيخ/ سعيد أحمد سعيد العطيشي والمقدم/ عوض عمر عبد الله العاربي العليي، حيث تقول بعض سطور الوثيقة (فقد شل وتحمل بوجهه عوض بن عمر المذكور الشيخ/ سعيد بن أحمد المذكور في بلاده وفي حاله وماله وداره وعياله وشائمه ولايمه من حيث سالفته ويده تصله.شل في وجهه هو ومن توصل إليه وتنسل منه ما دام ودامت قبيلته إلى أن يشيب الغراب ويفنى التراب...الخ"4".
وخلال الفترة التي نبغ فيها الشاعر/ محفوظ عبد الرحمن العطيشي كان الصراع على أشده بين الدولة القعيطية وقبيلة الحموم فما كان من الشاعر العطيشي إلا أن اتخذ موقف الداعم والمناصر لقبيلة الحموم مستند في ذلك إلى الرابط الاجتماعي والتاريخي أولا ومتمسكا بالمواثيق المبرمة بين مناصب المنطقة (الصداع) ومقادمة الحموم ثانيا. ونستعرض هنا بعض الشواهد التي تنسجم مع ما ذهبنا إليه في مقالنا هذا.
عندما حصلت نكبة الحموم بعد مقتل عدد (27) من مقادمة ورجالات تلك القبيلة وأسر العديد من أفرادها التي قام بتنفيذها حاكم الشحر ناصر أحمد بوبك بعد تنسيق مع السلطان/ غالب بن عوض القعيطي عام 1336هـ-1917م "5" بينما اتفق كل من الشيخ/ عبدالخالق البطاطي الذي ذكر هذه الحادثة في كتابه (اثبات ما ليس مثبوت) وحددها بـ27/ربيع آخر/1337هـ والشاعر/ عوض سعيد باجليده (بو زيد) عندما عمل على تثبيت تاريخ حصولها في قصيدته الخاصة بهذه العملية في 27/ربيع أول/ 1337هـ مع اختلافهم في الشهر "6" والذي يعنينا هو أن العطيشي بعد وقوع هذه النكبة والمذبحة البشعة امتنع عن الكلام مفضلا عنه الصيام ومصرحا في الوقت نفسه بالوعيد والانتقام من قبل قبيلة الحموم حيث قال:

نا ما فطر بعد صومي قالوا العطيشي بغا سيَة 
بصبر وباخذ لي مهلية لحتى تجينا شرق وفصول"7" 

 

وبعد أن تمت ردَت الفعل التي قامت بتنفيذها قبيلة الحموم عبر هجومهم على مدينة الديس الشرقية عام 1344هـ كان حينها العطيشي موجودا في جلسة سمر بمدينة المكلا فاستغل وصول ذلك الخبر ليخاطب الشاعر/ سالم صالح نصير بقوله:

ذا فصل والثاني وراء المرصون فض السلسله 
ناجيت باتخبرك يا سالم ولد صالح نصير

فرد عليه نصير قائلا:

فض السلاسل سهل ولكنك حسب للمقبله 
وأحسب لمنكر قال بو صالح وبن عمَه نكير

واختتم العطيشي المساجلة بقوله:

انت معك قوَه ولكنك رجولك هامله
 ورجوله هامله وسط الحفاء ما قدر يسير"8"

 

ومن مساجلة أخرى دارت بين العطيشي وبوزيد نرى العطيشي فيها يذكر الشاعر باجليده بالعملية الانتقامية التي قامت بها قبيلة الحموم بعد هجومها على مدينة الديس الشرقية وأسر عدد(29) من قبائل يافع ويطلب منه ان يقوم بعملية موازنة بين عملية الدولة القعيطية وردت فعل قبيلة الحموم حيث يؤكد هنا العطيشي رجاحة كفة الحموم بقوله:

حظمت والله القافله ياكم من عريبي ثني 
وطرحتهن في جول ما تلحق من الماطر كنان 
طلعهن الميزان واطرح الكفف ذي سد ذي 
وخرج البردان واجملهن وهت فيهن بيان "9"


ونكتفي بتلك الشواهد التي تؤكد بجلاء وقوف العطيشي وتأييده ومناصرته لقبيلة الحموم والتي جاءت على أساس الترابط الاجتماعي واحترام المواثيق والعهود التي تربط قبيلته بقبيلة الحموم منذ أكثر من ثماني قرون من الزمن.

***

المصادر
1. الصراع القعيطي الحمومي للباحث/ عبد الرحمن عبد الكريم الملاحي
2. البدر المنير للشيخ/ مزاحم بن سالم باوزير
3. صفحات من التاريخ الحضرمي للمؤرخ/ سعيد عوض باوزير
4. وثيقة معاهدة تاريخية
5. الشعر الوطني العامي للباحث/ أحمد عوض باوزير
6. مرتع باجليدة: موضوع نشر للباحث/ عبد الله صالح حداد في العدد الثالث من نشرة التراث
7. من محاضرة عن الشاعر العطيشي للأستاذ/ سعيد محمد بن هاوي ورواة آخرون
8. نفس المصدر
9. نفس المصدر

تاريخ الإدخال: 1 مارس 2005 م

طباعة النص : هناء سعيد باوزير

المصدر : مقال العطيشي و مواقفه مع الحموم - بقلم سالم عبد الله العطيشي
صحيفة شعاع الأمل العدد 45 - فبراير2005 الصادرة من جمعية الأمل الخيرية الاجتماعية و الثقافية  - الجمهورية اليمنية  - محافظة حضرموت

المصدر إهداء من : د. عمر عبد الله بامحسون

تاريخ أسرة آل باوزير

نسب و شجرة أسرة آل باوزير

من تراث الأسرة