القضاء على الشورى
كان العرب قبل الأسلام أُمَّة ممزقة تعصف بها الصراعات القبلية ولَم يعرفوا الدولة والنظام الا بعد الأسلام ،، وقد استطاع النبي ( ص) فترة حياته ان يؤسس مجتمع مدني من خلال وثيقة المدينة وكان الأسلام بمثابة البوتقة التي أنصهرت فيها كل التنافرات القبلية والعصبية وكادت أن تنتهي إلى غير رجعة، إلا أن الفترة الزمنية التي عاشها (ص) لم تكن كافية لتغيير الذهنية القبلية التي بقيت كامنة في بؤرة اللاشعور عندالبعض، فبعد وفاة النبي سرعان ما عادت العصبوية القبلية لتستعيد دورها وتقدم نفسها على مسرح الأحداث ، فهذا ابو سفيان سيد بني عبدمناف لمّا علم بانتخاب أبي بكر خليفة للنبي لم يقبل أن يكون الحاكم من خارج بني عبدمناف فذهب يقول لعلي أنت أحق بالحكم والخلافة من هذا التيمي ،،
أبسط يدك أبايعك ولا تجعلها تخرج من بني عبدمناف !!
وبعد وفاة النبي وخليفته الأول الصديق نهض الخليفة الثاني عمر بن الخطاب بمهمة بناء الدولة على ما أسسه النبي محمد وبشكل مؤسسي وعصري من خلال الدواوين والتي لم تكن تعرف عند العرب من قبل
ولَم ينغلق الفاروق على نفسه ويتقيد بالأعراف والعادات المتبعة عند العرب في تطوير وبناء الدولة بل أخذ من تجارب الأمم الأخرى في تطويرها
وبناء هيكلها التنظيمي والاداري وفرض بقوة شخصيته هيبة الدولة إلا أن الأروستقراطية القرشية بقيت تتربص بنفسها وتتحين الفُرْص.
وبعد مقتل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سرعان ما تغيرت الأمور وبدأت العصبيات تطفو على السطح لتبدأ مرحلة جديدة من النزاعات والصراعات ...
وبمقتل عمر وتولي عثمان عدنا القهقرى فعمر استطاع ان ينهض بالدولة ويطور مؤسستها ويفرض هيبتها وهو مالم يستطعه عثمان بسبب ضعفه ومجاملته لأقربائه من بني أمية وهذا ما سمح بعودة القبيلة لتحل محل الدولة الا انها بقيت تتخذ من الأسلام غطاء لتشرعن به وجودها ووظفته لخدمتها،، ومن هنا استمر الفتح الاسلامي بقيادة التيار الرجعي القبلي ممثل في الحكم الأموي وأستمرت الفتوحات لا من أجل نشر الأسلام ونشر العدالة بل من اجل التوسّع وكسب المزيد من الغنائم ..
سالم القاضي ...