تاريخ أسرة آل باوزير ضمن ترجمة :عبدالله بن عبد الرحمن باوزير
مؤسس غيل باوزير
عرضنا فيما سبق لجانب من تاريخ بعض أحفاد الشيخ أبي بكر بن محمد سكان حورة ونريد أن نذكر في ختام هذا الفصل التاريخي عن آل باوزير موجزا عن تاريخ أخويه سعيد بن محمد وعمر بن محمد وأبنائهما.
توفى الشيخ سعيد بن محمد بحورة عن سبعة أبناء أشهرهم محمد بن سعيد جد أهل النقعة الساحلية وقبره في غيل باوزير،وله ولد يدعى أحمد بن محمد وهو أول من قبر بالنقعة وانتشرت ذريته بها ولهم فيها صدقات وأوقاف للضيافة ومصالح المسجد الجامع الذي بني على طريقة غريبة لم يحتج معها إلى الإستعانة بالأخشاب في سقفه، وتوجد لديهم مخطوطات قديمة بعضها لايزال موجودا حتى الآن.
ومن أشهر أحفاد الشيخ سعيد بن محمد مولى عرف العلامة المحن الكبير الشيخ عبد الرحيم بن عبد الله بن سعيد صاحب ساه و مؤسس المسجد الجامع بها وصاحب الصدقات وأوقاف الضيافة العامة في هذه المنطقة. وله ذرية بساه يقال لهم آل الشيخ .
أما عمر بن محمد فهو الذي بنى الغيل الأسفل سنة 656هـ، والتي تعرف الآن بغيل عمر ومؤسس المسجد فيها، وقد لزم وصحب الأستاذ الكبير عبد الله باعلوي ابن الفقيه المقدم، ويعتبر من أخص مشايخه، وكانت وفاته بالغيل الأسفل سنة 721هـ وهو والد العلامة الإمام الفقيه الشيخ عبد الرحيم بن عمر مؤسس مدينة غيل باوزير المشهورة، والذي كان من أبنائه وأحفاده جماعة كبيرة عرفت بالعلم والفضل والصلاح.
وتقول المصادر التي بين أيدينا أن الشيخ عبد الرحيم بن عمر قدم إلى الساحل سنة 706هـ باحثا عن المنطقة الصالحة للإقامة له ولعقبه من بعده، فوقع اختياره على البقعة التي تدعى الآن بغيل باوزير، وقد بنى بها أول منزل لسكناه غربي مسجده الجامع المشهور، ثم حفر في الناحية الشمالية للمسجد غير بعيد منه اشهر العيون بها والتي كانت ولا تزال تروي مساحات واسعة من النخيل والأراضي المزروعة جنوب مدينة الغيل، وتجمعت لديه ثروة مكنته من أن يشتري عقارات وأطيانا واسعة في الخربة والبقرين وغيرها من ضواحي المكلا تصدق بها جميعا، مع أكثر ما يملك في الغيل كوقف دائم تصرف غلته في مصالح المسجد والضيافة وتوزع منه في مناسبات دينية وأعياد خاصة صدقات على الطريقة التي اشترطها هو، وقد أضاف أبناؤه من بعده أوقافا إلى هذا الوقف حتى أصبح الآن يقدر محصوله بما لا يقل عن خمسة عشر ألف شلن سنويا. ولم يكن نشاطه في الناحية الثقافية بأقل من نشاطه في جانب الإقتصاد، فقد بنى مدرسة لأبنائه وأحفاده وغيرهم من طلاب العلم، واستقدم لها المدرسين الاكفاء، وأرسل أبنائه للاستزادة من العلم، فرحلوا إلى اليمن والحجاز للقاء العلماء والأخذ عنهم حتى عرف كثير من أبنائه وأحفاده بسعة العلم وكثرة الاطلاع وحب الخير والتفاني في منفعة الناس، كما كانوا ألسنة الدعوة والارشاد في مناطق الساحل، ورسل السلام والإصلاح بين القبائل، ومثال الكرم وسماحة النفس إذا نزل بهم طارق أو زائر.
والواقع أن كرم الضيافة وحسن استقبال الغرباء من أشهر الصفات الخلقية الفاضلة التي امتاز بها أفراد هذه الأسرة في ساحل حضرموت وداخلها، فقد أعدوا في أكثر المدن والقرى التي يقيمون بها بيوتا للضيافة يطعم فيها المسافر أياما معلومة وضمنوا استمرارها بأوقاف تصدقوا بها لهذا الغرض، نذكر منها على سبيل المثال بيوت الضيافة في غيل باوزير والنقعة وريدة الجرهيين ورحبة ابن جنيد وفي وادي عدم وساه وحورة ووادي العين وجعيمة وعرف وغيرها.
وانقضت أربعون عاما منذ وضع الشيخ عبد الرحيم بن عمر حجر الأساس لهذه المدينة، كان فيها القانت العابد إذا جن الظلام، والعالم العامل إذا ارتفع النهار، لا يطغى فيها المسجد على المزرعة فيخل بشؤون دنيا، ولا تشغله المزرعة عن المسجد فتفسد عليه أمور دينه، وكان له فيما بين المزرعة والمسجد متسع من الوقت للإشراف على المدرسة ونشر العلم بين العامة واستقبال ضيوفه الذين لا ينقطعون، والإصلاح بين القبائل، إلى غير ذلك من أوجه النشاط الإجتماعي التي كان من بينها الدعاية لاستيطان هذه المنطقة والإفراج عن المياه المخزونة في جوفها بحفر العيون والقنوات لاستخدامها في زراعة تربتها الخصبة، وقد دفع لهذا الغرض ابن عمه محمد بن سعيد فحفر هو وأبناؤه عيون النقعة ووديكة وغيرها حتى صارت هذه المنطقة مروجا خضراء وجنانا عامرة بالنخيل والمزارع.
وهكذا كان للشيخ عبد الرحيم بن عمر في الإرشاد لسان، وفي العلم باع، وفي الإقتصاد يد، وفي العبادة قدم حتى وافاه أجله في منتصف شعبان سنة 747هـ، ودفن خارج مسجده بجانب الجدار الشرقي( داخل المسجد الآن ) ، وترك من الأولاد ثلاثة هم: سعيد وعثمان وأحمد ينتمي عليهم كل أفراد آل باوزير السكان في الغيل.
تاريخ آخر تحديث للصفحة :
23-01-2004
المصدر : الجزء الثامن من من كتاب " صفحات من التاريخ الحضرمي " للشيخ سعيد عوض بن طاهر باوزير العباسي
الطبعة الأولى - مطابع دار الكتاب العربي بمصر 1373 هـ - 1954 م
المصدر إهداء من : سعيد محمد باعبود باوزير
تاريخ الادخال: 14 يونيو 2001 م