أنت هنا

تفاصيل نسب و تاريخ آل باوزير

الجزء الثامن من كتاب صفحات من التاريخ الحضرمي - 7

تاريخ أسرة آل باوزير ضمن ترجمة :عبدالله بن عبد الرحمن باوزير

ابنه عمر

وقد توفي الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بعد حياة كريمة مليئة بالشرف والفضل وكرم الأخلاق ونشر العلم والإحسان إلى الناس والدعوة إلى الله وترك عدة أولاد أشهرهم وأجلهم ابنه عمر بن عبد الله الذي سماه والده بهذا الاسم بإشارة من السيد عمر المحضار، ونحن ننقل هنا بتصرف من الترجمة التي أوردتها له الرسالة المشار إليها آنفا ما يكفي في التعريف به، قالت:-

 ولد بحورة ونشأ بها وتعلم القرآن مع المعلم محمد باصادق، ثم حفظه وأتقنه على القرآت السبع تحت إرشاد والده وجماعة من الصلحاء والحفاظ، حتى كان يقال له المقرئ، ودرس علوم الشريعة على والده وأعمامه وغيرهم من كبار العلماء العارفين.

فقرأ على والده المنهاج للنووي والتنبيه لأبي إسحاق والعمدة لابن النقيب والمحرر للرافعي وجملة رسائل في علم التصوف، كما قرأ على والده أيضا كتاب الأحياء للإمام حجة الإسلام الغزالي وعوارف المعارف للسهروردي وقوت القلوب لأبي طالب المكي، وقرأ الأحياء أيضا على السيد عبد الرحمن بن أبي بكر العيدروس وعلى السيد عمر المحضار منهاج العابدين للغزالي، والمقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وكيمياء السعادة للغزالي أيضا، وعلى السيد أبي بكر بن عبد الرحمن السقاف بداية الهداية، وقرأ رسالة القشيري على الشيخ فارس باقيس وعلى السيد عبد الله بن أبي بكر العيدروس جملة رسائل في علوم الطريقة والحقيقة، وقد أجازه الجميع في العلوم والاذكار واذنوا له بالتدريس والإفتاء،       

وكان كثير المطالعة في كتب التفسير والحديث، وإن كان جل مطالعته في كتب التصوف والرقائق

وكان الشيخ عمر من أكثر الناس احتمالا وأشدهم صبرا وأحسنهم صفحا وأوسعهم صدرا، إن قطع وصل وإن ظلم عدل وإن نصح فبالتي هي أحسن وإن وعظ أبكى وأحزن، وقد ابتلي بكثير من الحساد فصبر على أذاهم، وفي ذلك يقول تلميذه العلامة الشاعر الصوفي الكبير الشيخ عمر بامخرمة في مطلع قصيدة مثبتة في ديوانه المخطوط:-

باوزير إن جفى جافى           وجاء منه أجناف

إلى آخرها

وفي مطلع قصيدة أخرى:-

              باوزير إن رماك العوف بالجور واحنف

وفي هاتين القصديتين يشير الشيخ عمر بامخرمة إلى ما لقى الشيخ عمر باوزير من عداوة الحساد وصيره عليهم، وقد عده الشيخ عمر بامخرمة من كبار مشايخه الذين اعتمد عليهم في الطريق إلى الله، وكانوا أربعة من المشهورين بالتقوى والولاية ذكر ثلاثة منهم في إحدى قصائده وقال عن الرابع:-

              والرابع هو قال لي لا تظهر اسمي

يعني بذلك الشيخ عمر بن عبد الله باوزير

وكان من أبرز أخلاقه الحميدة الكرم والسخاء، فكان يعطي الجزل ويداوم على البذل وينفق في جميع أوجه البر وخصوصا في الأوقات الفاضلة كرمضان والأعياد الدينية وأوقات المجاعة والإسنات، ويخص الفقراء والأيتام والأرامل والأرحام بمزيد من العناية، وربما وردت إليه أموال كثيرة فيأتي المساء وليس له منها العشاء.

روى خادمه أحمد بن صالح بازياد قال جئت أنا  ووالدي ذات يوم قاصدين الشيخ عمر في وقت مجاعة والحبوب غير موجودة فوجدنا بيته غاصا بالضيوف والزوار وقلت لوالدي الأولى أن نعود فإن بيت الشيخ مزدحم(والوقت حان والطعام غير موجود) وبقيت أحسن لوالدي الرجوع ونحن في أشد الفاقة، فإذا بسيدي عمر يدعونا للدخول ويقول: تعالوا احضروا مجلس المحبين، وما عليكم من باقي الأمور فهي صالحة، فدخلنا عليه وهو يتحدث مع أضيافه فرحا مستبشرا، فقلت في نفسي: سبحان الله، الشيخ في هذه الأوقات الحرجة  يضحك وأنا عالم بحاله. فأنشدنا:-

       لا يرفع الضيف رأسا في منازلنا  إلا إلى الضاحك منا ومبتسم

فقلت زدني يا سيدي. قال: أما سمعت قول الشاعر؟قلت وماذا قال؟ قال سأكتب لك في قرطاس حتى لا يسمع أحد، فكتب:-

   أضاحك ضيفي قبل أنزال رحـله ويخصب عندي والمحل جديب

وما الخصب للاضياف أن تكثر القرى ولكنما وجه الكريم خصيب

ولم نلبث كثيرا حتى قدم الأكل وهو من البر والذرة والرز واللحم فأكلنا مع الأضياف حتى شبعوا وشبعنا، ثم قلت للشيخ : ليس المحل جديبا، ولكنه خصيب ووجهك أخصب منه، فقال: الحمد لله الذي تفضل على عباده بالنعم وأراد منهم الشكر، ثم تكلم حتى بكى وأبكى. انتهى.

وكان الشيخ عمر ذا جاه واسع لدى كثير من قبائل الجهة الحضرمية، وكلمة نافذة عند عاهل حضرموت الكبير في القرن العاشر الهجري السلطان بدر أبي طويرق الكثيري، وقد حدث سنة 937هـ أن جملة فخائذ من بني هلال في مدينة هينن ومصنعتها المسماة (فرحة) يقال لهم آل النمر  وآل الفشر وآل باقار وآل العمري وغيرهم، ومن مذحج ونهد، كانوا ينهبون رعايا السلطان أبى طويرق ويتحرشون به فغزاهم أبو طويرق بجيش كبير قوامه ألف جندي من الخيالة والهجانة والرجالة ودامت الحرب مدة انتهت بهزيمة أعداء السلطان وانكسارهم، فالتجأوا إلى الشيخ عمر بن عبد الله وطلبوا منه أن يتوسط لدى أبي طويرق في عقد معاهدة بينه وبينهم يعلنون فيها طاعتهم له على أن يبقيهم في محلاتهم ومنطقتهم.

واتصل الشيخ عمر بالسلطان فوافق على إعطائهم الأمان، ولكنه رأى أن بقائهم مجتمعين في محل واحد خطر يهدد كيان السلطنة الكثيرية، وعرض على الشيخ عمر أن يقنعهم بوجوب التفرق من هينن إلى محلات أخرى فقبلوا، وتم الصلح على ذلك.

وأراد السلطان أبو طويرق أن يكافئ الشيخ عمر على صنيعه هذا ومجهوداته في هذا السبيل مكافأة مادية فرفض وطلب من السلطان أن يأمر برفع جميع العشرات الحكومية عنه وأن لا تؤخذ منه زكاة، بل يتولى توزيعها هو بنفسه، وان تقبل شفاعته هو وأولاده في كل من يحبس في مصنعة هينن فأجابه السلطان إلى ذلك وكتب له وثيقة بما طلب هذا نصها:-

بسم الله الرحمن الرحيم

{ ألا ان أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم }. أما بعد فليعلم الواقف على هذه الرقعة المحررة بأن سيدي ومولاي وملاذي وملجأي وعمادي الشيخ الأجل الفاضل الولي الكامل العالم العامل الشيخ عمر ابن الشيخ الفقيه عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الرحمن ابن الشيخ الكبير أبي بكر بن محمد بن سالم باوزير مجللا ومكرما و محشما ومعظما ومجبرا في جميع أملاكنا بحرا وبرا هو وأولاده وذريته من يومنا هذا إلى يوم الدين، ليس عليهم عشر ولا زكاة ولا شئ من القوانين التي للديوان في طالع ونازل من البحر والبر، ولا يفرق عليهم الفارق ولا يحرسهم الحارس ولا يطوف عليهم الطائف، بل مجبرين في جميع أملا كنا بحرا وبرا من كل ما هو للديوان من القوانين والقواعد  المعتادة، وكذلك لهم الشفع في كل من حبس في مصنعة هينن شفاعتهم غير مردودة، ومن تعدى أو خالف جميع ما ذكر فلا يلوم إلا نفسه ولا ينال إلا خسره وبخسه. قال ذلك وأملاه وأقر به الفقير إلى الله 

            

       بدر بن عبد الله بن جعفر الكثيري

والله الشاهد على ما أقول والحسيب. وكتبه بيده       بدر بن عبد الله بن جعفر الكثيري

والله الشاهد على ما أقول والحسيب. وكتبه بيده

وفي هذه الوثيقة توقيعات سبعة من الشهود هم عمر بن عبد الله بامخرمة وعبد الصمد باكثير وأحمد بن عبد الله باكثير وأحمد بن سهل بن إسحاق ومحسون بن عامر بن إسحاق وعبد الله بن أحمد باجسير وأحمد بن ليث باجابر.

وللشيخ عمر شعر شيق يكتبه باللغة الدارجة القريبة من الفصحى، من هذه الأبيات من قصيدة طويلة قالها بمناسبة تجمع وإلى المخينيق علي بن ظفر وأهل السور والمقاريم والظلفان لمعارضته في عمارة ضمير (الضمير في عرف أهل حضرموت السد يقام في مجرى السيل للتحكم فيه وتحويل الماء إلى  الأرض التي يراد سقيها) حورة، وقد انتصر للشيخ عمر أتباعه من نهد ونشبت معركة حربية بين الفريقين انتصر فيها الشيخ عمر وفي ذلك يقول:-

       ويوم قمنا في الوادي             جاروا علينا في الطغيان

       أهل المخانيق وأهل السور  بنهب والسلب باللصان

       وخوفوا من سكن حورة جميعهم وأرض الشيطان

       العدن من بطلهم شارب     ونخل حورة بقى عطشان

       على بن ظفر قام وأصحابه  رماهم الله بالخذلان

إلى أن قال:-

       وأولاد عامر معي قاموا  بصدق نية بنو قحطان

       ثابت ومسعر وبن مسعر    وبن مزعزع أبو الحكمان     

       وآل الطويل الذي طالوا  هم وآل عبد الله الغلمان

       وأصحابهم آل بن مدرك والرأس ثابت أبو روضان

       وآل عجاج قد سعدوا        صبيانهم هم ويا الشبان

       قاموا معي صدق بالنيه  جميعهم بالهنا فرحان

مؤسس غيل باوزير

تاريخ آخر تحديث للصفحة :
23-01-2004

  

في عاصمة الرشيد

الرحيل عن العراق

هجرة آل الوزير

الشيرازي الحضرمي

أبو بكر بن محمد

صاحب الترجمة

ابنه عمر

مؤسس غيل باوزير

عبد الرحيم صاحب الطرائق

المصدر : الجزء الثامن من من كتاب " صفحات من التاريخ الحضرمي " للشيخ سعيد عوض بن طاهر باوزير العباسي
الطبعة الأولى - مطابع دار الكتاب العربي بمصر 1373 هـ - 1954 م

الجزء الثامن كاملا ، 77 ك ب - 

المصدر إهداء من : سعيد محمد باعبود باوزير 

 تاريخ الادخال: 14 يونيو 2001 م

من تراث الأسرة